خلطة عصر ذهبي
بقلم الكاتبة / مها شاهر
في كل عصر هناك شعلة من التغييرات تنبثق منها جوانب فكرية وثقافية واجتماعية، تتوالى فيها فرص الحياة، ما يبشر ببزوغ عهد لا يشبه سابقه، يقف خلفه قائد ليحدث ظاهرة تؤثر على المجتمع بكل المقاييس، يفتح التاريخ ابوابه عليها من خلاله، ويضع بصمة واضحة فيه تسمى بالذهبية، في القارة الآسيوية واقع متجدد عاشه الزمان ففي اليابان حدثت اصلاحات سياسية واقتصادية بنهاية القرن التاسع عشر تحول ارخبيل كبير مكبل بالصراعات الى واحد من أقوى دول العالم، حتى أطلق على ذاك العصر بالذهبي، بزغ فيه نجم الامبراطور “ميتسوهيتو” الملقب بالقائد المستنير “ميجي تينُّو”امبراطور اليابان ذو الترتيب 122 وفقا لترتيب الحكم التقليدي في اليابان، وضع خطط الاصلاحات واعاد لبلاده مجد عصره في حقبة زمنية تُعرف بالمستنيرة، حتى باتت عبارته الشهيرة (تعلموا من الغرب واسبقوه) شعار ياباني في مواجهة التحديات، لتنهض طوكيو وتشمر ساعديها نحو مسارات التنوع الاقتصادي، اتخذت مكانتها في طموحاتها التوسعية لتلتحق بالغرب عبر الهامها الخاص في الشرق، هذا ما جعل كلمة ميجي عند اليابانيين حتى الآن لها وقع خاص في قلوبهم.
خلطة اي عصر يقال عنه بأنه ذهبي، تكمن في توافر عناصر اساسية أهمها الشخصيات التي تلعب دور مهم في تشكيل العصور الذهبية بكل حقبة زمنية، تمتزج بمشاريع جريئة في العلوم والفنون والثقافة ويبرز فيها العلماء والفنانين والمفكرين، ودائما من يسمح لهذه الأدوار بالتحرك هو القائد فهو العنصر الأساسي الذي يكون في رهن الاشارة لأي عصر يطلق عليه بالذهبي، لتخوض البقية تجربتها المتجسدة في التنمية، التعليم، التطوير المستمر، الابتكار والترفيه، تتحقق جميعها في العصور الذهبية دفعة واحدة، والعنصر الثابت الذي يحدد أثر تلك العناصر هو الشعب، ليتحدث التاريخ عنه وإليه.
جانب مضيء في عصرنا هذا يسطع نحو عصر مشهود، حقق خلطة ذهبية بمدة متسارعة قصيرة تشهد بأن القادم منه سيكون عصر ذهبي له طابعه الخاص، وهويته الراسخة وبأسلوبه الفريد، في الشرق الأوسط أخذ بزمام أموره قائد ذو فكر فذ يصفه الاغلبية بالمجدد لعصره، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قاد نهج بلاده الى التجديد ووضع رؤية مستقبلية شاملة الجوانب تقدمت فيها السعودية 3 مراكز إلى المرتبة 36 دوليا في مؤشر الاقتصاد العالمي لعام 2020، نصب لغة الأرقام أمام أعين العالم لتحكي عن انجازات ضخمة ومشاريع قائمة صارمة التنفيذ، أعلنها ذاك الشاب المشع طاقة بمقولته الحازمة (هذه حرب السعوديين، هذه حربي التي اخوضها شخصيا، ولا أريد أن أفارق الحياة إلا وأرى الشرق الأوسط في مقدمة مصاف العالم، وأعتقد أن هذا الهدف سوف يتحقق مئة في المئة)، بات صداها يتردد في سماء المملكة، ويترسّم في كوكب نهضتها الحديثة، كافح الفساد بكل أشكاله، أزال الغبار عن معالم بلاده، فتح نوافذ الفرص الاستثمارية فيها، سمح للتمكين بالتحرك بكافة معاييره على مختلف بقاعها، في حلقة زمن محدودة التوقيت تتوالى التطورات نحوها بخطوات ملموسة تجر معها نمو متسارع يلوح في الافاق.
في أي عهد هناك شواهد تصطدم على ضفته تحمل معها منظور معاكس للتيار فتتوالد بها الاحداث وتظهر معهم الاعداء مع اي حزم من قرارات اصلاحية، بالمنطق قد لا يكون ذاك العهد ذهبي بالمعنى الاصح ذات تأثير ايجابي الا بالمرونة وسط التحديات والقدرة على التغلب على تلك المناظر عكسية المجرى، فرغم وجودها تتواجد الامكانية بالاكتساح عليها بعقد سلسلة من الانجازات والنجاحات المطروحة على طريق تطور العهد.
واقعيا يفسر بناء العصر الذهبي بأنه يتطلب المزيد من العمل والكثير من الطموح، وبجرعات داعمة من الأمل الذي يبث في زوايا هيكلته، ركائز القائد تثبت هنا صورة المشهد الكامل الذي يجري وراء كواليس العصر، مع رؤية تضع اوزارها بالخطط التنموية والاصلاحات الراهنة وتبقى هنا العقول المحرك الأساسي خلف تقدم الأمم وازدهارها