سمو أمير الشرقية يرعى حفل تدشين مبادرة “أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة”
الدمام – سميرة القطان
رعى صاحبَ السموِ الملكيِ الأميرِ سعود بن نايف بن عبد العزيزِ أميرَ المنطقة الشرقية ، اليوم الخميس حفل تدشين مبادرة “أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة”، التي تنظمها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، برعاية سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، وذلك بمكتب سموه بديوان الإمارة .
وثمن سمو أمير المنطقة الشرقية جهود الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، بقيادة سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء وقال سموه ” كلمة سماحة المفتي دائماً لها تقديرها وخصوصيتها لدى قادة هذه البلاد المباركة، وقد رأينا في مراحل التاريخ المختلفة فئات تخرج للإفتاء للناس بدون عٍلم، ويتصدرون المشهد بدون أي معرفة ، يسهلون خلالها الصعب ويصعبون السهل، وهذا ليس من الإسلام في شي، فالدين الحنيف أوضح بكثير من الاجتهادات غير الصائبة، وهو ثابت ومستقر لا ينتظر من يعدل أو يبدل فيه ويفتي بغير علم، وقد قال نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في خطبة الوداع “اليوم أتممت لكم دينكم” ، فقد تركنا على المحجة البيضاء في كل أمور الدين والدنيا من خلال سنته المطهرة”.
وأضاف سموه ” الأصل أن المسلم يجب أن يعرف مالا يسعه أن يجهل، والحمد لله ولي الأمر بتكليفه لسماحة مفتي المملكة بإيجاد مكاتب للفتوى ومفتين في كل المناطق قد كفى ووفى، أما الاجتهادات في الفتوى فهي مضرة للمسلمين، لذلك ليس مطلوباً منا الاجتهاد في أمور نجهلها، بل يجب الرجوع لأهل العلم ومن منحه ولي الأمر صلاحية الفتوى، حتى لا تختلط الأمور على الناس، وندعو الله أن يحفظ لنا قياداتنا الرشيدة، وأن يرفع لنا وطننا ويعلي راية ديننا وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونتمنى لهذه المبادرة التي أطلقتها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء لأخذ الفتوى من مصادرها كل التوفيق والنجاح”.
وقد بدأ الحفل بآيات من القرآن الكريم تلاها الشيخ خالد بن فهد الجليل تلا ذلك كلمة لسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للفتوى ألقاها نيابة عنه مدير عام الإدارة العامة للفتوى الشيخ وليد السعدون قال فيها :”إن من عَظَمةِ هذا الدينِ أن جعلَ للحكام والعلماء مكانة تميزهم عن غيرهم وحفظ بهم دينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأوجب على المسلمين طاعتهم والسمع لهم بالمعروف، ومما دعا الإسلامُ إليهِ، الاجتماعِ على ولاةِ الأمور، والالتفافِ حولَهَم وأوجبَ عليهمِ طاعتَهم، والسمعِ لهم بالمعروفِ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: “عَلَى الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ” الحديث”.
وأضاف سماحته “المسلمونَ يتمتعونَ بحقوقٍ وشراكةٍ بينهم، رغم اختلافِ اللونِ واللغةِ والعرقِ والقبيلةِ قال جل في علاه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)،ومما حذرَ منهُ الاسلامُ، الخروجُ على أئمةِ المسلمين ، ومعصيتِهم، ولأنَّ في معصيتِهم يكونُ الضعفُ والبلاءُ في الأمةِ، ولهذا أوجبَ صلى الله عليه وسلم على كلِ مسلمٍ في عُنقهِ بيعةً أن يحافظَ عليها، وألا يتخلى عنها، قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولاَ حُجَّةَ لَهُ”. وقال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً”
وجاءتِ الفتوى من وراءِ ذلكَ مؤيدةً ومسددةً ومبينةً فضلَ السمعِ والطاعةِ والاجتماعِ، جلباً للمصلحةِ ودفعاً للمفسدةِ وحفظً لهذهِ اللُحمةِ والنسيجِ الاجتماعي، ونبذاً للفرقةِ والفوضى والخروجِ على ولاةِ أمرِ المسلمين، فمتى كانَ المفتي عاملاً وفقَ النهجِ الصحيحِ، ملتزماً كتابَ اللهِ وسنةَ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، جاريًّ على سَنَن الاستنباطِ السليمِ على طريقةِ السلفِ الصالحِ، كان لهُ الأثرُ الإيجابيُّ في محافظةِ المجتمعِ المسلمِ على هُويّتهِ واجتماعهِ والسمعِ والطاعةِ لولي أمرهِ، ولا زالَ العلماءُ الربّانيّون الملتزمونَ بالنهجِ القويمِ يسدّدونَ مسيرةَ الأمّةِ ويصححونَ ما عسى أن يقعَ فيها من انحرافاتٍ تبعاً لمنهجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والخلفاءِ الراشدين وسلفِ هذهِ الأمةِ لذا حذَرَ اللهُ من أخذِ الفتوى من غيرِ أهلِها فقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وحذرَ المفتي المتطفلُ على مائدةِ أهلِ العلمِ من إضلالِ الناسِ بغيرِ علمِ، فقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً}،وحذَرَ العلماءُ من المفتي الجاهلِ الذي يُفتي بهواهُ وما ذلكَ إلا لخطرهِ وضررهِ على المجتمعاتِ المسلمةِ وأفرادِها، وكم في الأمةِ اليومَ ممن يَسعى بفتاواهُ الخارجةِ عن منهجِ الوسطيةِ إلى إخراجِ الأمةِ من تميزها والتزامِها بديِنها والتفافها على ولاةِ أمرِها، إلى حالِ الفوضى والدمارِ والخروجِ على ولاةِ الأمر كحال فتاوى الغلوِ والبدعِ والتساهُلِ على غيرِ سَنَن الشرع، لذا أتت مبادرة أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة تحقيق لهذا الهدف العظيم، وحرصا على الإفتاءِ ومكانتهِ، وتحقيق للأمرُ الساميُ الكريم رقم: 3307 وتاريخ 13/1/1444هـ بشأنِ تنظيمِ الفتوى والمفتين، وحفظًا لكيانِ هذا العلمِ، وألا يتصدرَ أمرُ الفُتيِّا إلا من توافرتْ فيهِ الشروطُ، وتم إجازتَهُ من الجهاتِ المختصةِ، وأن يُقطعَ الطريقَ على كلِ من تسولُ لهُ نفسهُ بتصدرِ الفُتيَّا دونَ علمٍ وبصيرةٍ قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)”.
وختم سماحته “حفِظَ اللهُ لهذهِ الدولةِ المباركةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، مكانتَها ووحدتِها، ومنّ عليها بالتفافِ شعبِها على ولاةِ أمرِهم، وأسبغَ عليها من نعمهِ بقيادةِ حكيمةِ وحكومةِ رشيدةِ، منذ عهدِ المؤسسِ الملكِ عبد العزيزِ بن عبد الرحمنِ آل سعود رحمه اللهُ وطيبَ ثراه حتى عهدِ خادمِ الحرمين الشريفين الملكِ سلمانِ بن عبد العزيزِ آل سعودِ وولي عهدِ الأمينِ صاحبِ السموِ الملكيّ الأميرِ محمدِ بن سلمانِ حفظهما الله، وقدْ لقيتْ الرئاسةُ العامةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ ممثلةً في هيئةِ كبارِ العلماءِ، واللجنةِ الدائمةِ للفتوى كلَ دعمٍ وعنايةِ من لدن خادمِ الحرمينِ الشريفينِ وولي عهدهِ بشأن الفتوى والمفتين،وفي الختام أسالُ اللهَ أن يوفقَ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ سلمانِ بن عبد العزيزِ آلِ سعود ووليّ عهدهِ صاحبَ السموِ الملكي الأميرِ محمدٍ بن سلمانَ بن عبد العزيزِ آلِ سعود لما يحبُ ويرضى ويأخذَ بنواصيهم للبرِ والتقوى، وأن يوفقكم يا صاحبَ السموِ الملكي الأميرَ سعود بن نايف بن عبدالعزيز ونائبكم على دعمِكما لمناشطِ فرعِ الرئاسةِ العامةِ للإفتاءِ (بالمنطقة الشرقية) ، كما أساله أن يوفقَ الجميعَ في هذهِ المبادرةِ المباركةِ بإذن اللهِ تعالى بما يحققُ آمالَ وطموحاتِ وتوجيهاتِ ولاةِ أمرنا وأن يحفظَ بلادنا من كلِ سوءِ ومكروهِ، ويكللَ أعمالَ الجميعِ بالنجاحِ والتوفيقِ إنه وليُ ذلكَ والقادرُ عليهِ وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين ” .
كما أقيمت ندوة بعنوان “ضرورة أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة” قدمها فضيلة الدكتور جبريل بن محمد البصيلي عضو هيئة كبار العلماء ومفوض الإفتاء بمنطقة عسير ومفوض الإفتاء بمنطقة مكة المكرمة فضيلة الدكتور محمد بن عمر بازمول ، ومفوض الإفتاء بمنطقة حائل فضيلة الدكتور أحمد بن جزاع الرضميان تطرقوا خلالها إلى وجوب أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة.
وفي ختام الحفل تسلم سموه درعا تذكاريا من سماحة المفتي بهذه المناسبة .